الجمعة، 18 ديسمبر 2009

حلاق الرئيس


بمقص ومشط.. أصبح كاتم الأسرار
حكاية الرجل الذي سلمه السادات رأسه!
مقص ومشط صعدا به إلى القمة انقلبت حياته رأساً على عقب عندما طلبه الرئيس الراحل محمد أنور السادات بالاسم ليقوم بحلاقة شعره وليصبح من يومها الحلاق الخاص له
حتى لحظة اغتياله.. وشاء القدر أن يظل اسم الاسطى.. محمود لبيب
محفوراً كحلاق للرؤساء بعد ان صار الحلاق الخاص
للرئيس محمد حسنى مبارك حتى يومنا هذا.
حين ذهبت إليه فى الموعد المحدد لم أجده.. انتظرته وعندما جاء اعتذر لى الاسطى «محمود لبيب» قائلا: «آسف لقد كنت على موعد مع الرئيس».. دون مقدمات تدافعت الكلمات وانطلقت الاسئلة وتدفقت الاجابات على لسان رجل من طراز خاص يحمل لقب «حلاق رؤساء مصر».
• كيف بدأ مشوارك مع مهنة الحلاقة؟
- فى البداية كنت اتمنى العمل كميكانيكي سيارات!! لكن جدتي رفضت واقترحت على العمل بالحلاقة، وعندما كان عمري 11 سنة التحقت كصبي حلاق بأحد المحال بشارع عبد الخالق ثروت، وتدربت خلال هذه الفترة على رؤوس اقاربى وكنت ادفع لهم المقابل كى يسلموني رؤوسهم عن طيب خاطر، وبعد سنوات ذاع صيتى خاصة بعدما حصلت على العديد من الجوائز العالمية فى تصفيف الشعر واصبح لدى صالونى الخاص الذى تتردد عليه صفوة المجتمع.
• حلاق الرؤساء.. كيف بدأت رحلتك مع هذا اللقب؟
- للاسف لم يحالفنى الحظ كى اقوم بقص شعرالرئيس الراحل جمال عبد الناصر لكنى قمت بالحلاقة لأولاده ولأزواج بناته، ومن المواقف التى لا انساها مع الرئيس عبد الناصر أننى عندما كنت أحلق شعرابنه عبد الحكيم كان الأخير طلب منى إطالة سوالفه تبعاً للموضة السائدة وقتها الا ان الرئيس عبد الناصر كان يعترض قائلاً لى «قصها له حتى عينيه»!!
وكان من زبائنى أيضاً جمال ابن الرئيس الراحل انور السادات الذى بدأ فى التردد على المحل عن طريق ابناء الرئيس جمال عبد الناصر بحكم صداقته لهم، وعندما شاهد الرئيس السادات حلاقة ابنه طلب حضورى ا?يه.
وفى أول مقابلة معه أخذ يحدثنى عن عيوب شعره وكيف فشل الحلاقون السابقون فى التعامل معها لكنى شرحت له كيفية معالجتها فقال لى: اشتغل.. اشتغل.
• وهل كان الرئيس السادات يتدخل فى طريقة الحلاقة؟
- لا لم يحدث إطلاقاً ان تدخل الرئيس السادات فى عملى فقد كان لى مطلق الحرية فى التعامل مع شعر الرئيس.
• وكيف كنت ترى السادات الرئيس والانسان؟
- لا يستطيع اى شخص اتفق او أختلف مع الرئيس السادات إلا أن «يبصم بالعشرة» على أنه رجل سبق عصره فقد تسببت شخصيته الجريئة فى إحراز أول انتصار عسكرى ودبلوماسى لنا على الاسرائيليين والرئيس السادات كان سريع الانفعال عندما تصل الى مسامعه أى اخبار سيئة عن أحوال البلد من منطلق خوفه وحرصه على شعبه وعلى المستوى الانسانى فقد كان رحمه الله متواضعاً إلى ابعد الحدود يحب الكلام والحركة على سجيته ويعشق الضحك.
• وماذا عن برنامج حلاقة شعر الرئيس السادات؟
- كنت اقوم بقص شعره اسبوعياً وكان الموعد المحدد لى إما الساعة 11 صباحاً عقب استيقاظه من النوم او بعد ممارسته للرياضة الساعة الخامسة مساء، وفى كل الاحوال عندما كنت اذهب اليه اجده فى انتظارى.
• وهل كنت ترافق الرئيس السادات فى رحلاته الى الخارج؟
- رافقت الرئيس السادات فى معظم رحلاته للخارج، وكان لى دائماً مقعد خاص على طائرة الرئيس فى كابينة السكرتارية الخاصة وفى إحدى الرحلات وكانت إلى بون صدر قرار بمنع الوفد المرافق للرئيس من احضار أى اشياء من الخارج اثناءالعودة لكن فوزى عبد الحافظ سكرتير الرئيس جاءنى وقال لى: «الرئيس بيقولك أحضر ما تريده أنت فقط يا محمود»، فأحضرت معى بعض ادوات الحلاقة.. وفى رحلة اخرى إلى النمسا اشتريت بعض المقصات ومنها مقص صغير لضبط شارب الرئيس.
• يقال إن الحلاق كثير الكلام مع زبائنه.. فإلى أى مدى تحققت هذه المقولة فى تعاملك مع الرؤساء؟
- بصفة عامة.. أنا لا أجبر أى زبون على الكلام إلا إذا بدأ هو بالحديث معى، وأى كلام يدخل اذنى من زبون لا يخرج على لسانى لأى زبون آخر فما بالك إذا كان رئيس جمهورية؟
• وماذا عن نوعية الموضوعات التى كان يمتد إليهاالحوار بينك وبين الرئيس السادات؟
- الرئيس السادات رحمه الله كان عشرياً يسأل عن احوال الناس ومشاكلهم وردود افعالهم تجاه بعض القرارات التى كان يتخذها، كما كان يعبر عن آرائه فى بعض الاحداث والاوضاع الداخلية والقضايا العربية كذلك مواقف القادة العرب تجاه مصر ولاسيما بعد معاهدة السلام وأنابصراحة كنت انقل إليه مشاكل الناس وشكاواهم وكان يحاول من جانبه ان يجد حلولاً لها، وأذكر أننى عندما شرحت للرئيس السادات مشكلة بنك التسليف الكائن بالعمارة التى يوجد بها المحل الخاص بى وقلت له: إننى أجد طابوراً طويلاً يومياً أمام العمارة وتساءلت: لماذا لا يتم انشا? فروع للبنك فى المحافظات ففوجئت بالرئيس يصدرقراراً بذلك.
• ربما لايعرف الكثيرون أن الشخص الذى ظهر فى فيلم «السادات» فى دور الحلاق ليس ممثلاً لانه هونفسه حلاق الرئيس السادات.. فمن رشحك لأداء هذا الدور وماذا عن كواليس الفيلم؟
- الفنان أحمد زكى رحمه الله هو الذى رشحنى لأداء هذا الدور فقد كان زبوناً لى وعندما بدأ فى الإعداد للفيلم جاء وجلس معى وسألنى عن المواقف التى تعرضت لها اثناء تواجدى مع السادات وردود افعاله وآرائه، وكان من المفترض ان اقوم بتصوير عدة مشاهد فى الفيلم لكنها كانت خارج القاهرة ونظراً لارتباطاتى وقتها فقد اكتفيت بتصوير مشهد واحد فى الفيلم كنت وراء اضافته الى العمل، وكان يتعلق بوجهة نظر الرئيس السادات التى سجلها التاريخ فى موقف الفلسطينيين من مفاوضات السلام مع إسرائيل.. فقد كان الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات يرفض الذهاب إلى مباحثات مينا هاوس فحكيت لأحمد زكى تفاصيل المقاطعة وشبهتها له بحكاية المحل الذى انتزع من صاحبه عنوة وتم طرده منه بينماحاول شخص آخر ان يضع لصاحب المحل كرسياً داخله حتى يراقب ما يحدث ويكون له «رجل» داخله وتكون البداية والخطوة الأولى لاسترداد حقه وبالفعل التقط أحمد زكى الفكرة وقرر إدخالها ضمن سيناريو العمل.
• كيف تلقيت نبأ اغتيال السادات؟
- فى هذا اليوم تحديداً قابلت الرئيس السادات فى الصباح لأقوم بحلاقة شعره قبل توجهه إلى حضور العرض العسكرى.. كان فرحاناً جداً وقال لى «انا رايح اقابل اولادى» يقصد بالطبع ضباط وجنود القوات المسلحة.
وعندما اذيع الخبر مساءً لم اصدق وظلت حالة الذهول تلازمنى لأيام طويلة.
• ما هو الموقف الذى لا يمكن ان تنساه للرئيس السادات حتى يومنا هذا؟
ـ السادات كان دائماً رجل خير، ولا انسى موقفه معى عندما اصبت فى حادث سيارة عام 1979 ودخلت المستشفى لإجراء عملية ثم فوجئت بمندوب شخصى من الرئاسة يزورنى ويبلغنى تحيات الرئيس وبتكفل رئاسة الجمهورية بجميع نفقات العلاج.
• وكيف بدأت قصة حلاق الرؤساء مع الرئيس مبارك؟
- بكل فخر أنا الحلاق الخاص للرئيس مبارك منذ كان نائباً لرئيس الجمهورية فى عهد الرئيس السادات وحتى هذه اللحظة.. وقد تم التعارف بينى وبين الرئيس مبارك من خلال الرئيس السادات رحمه الله الذى رشحنى له باعتبارى من أفضل الحلاقين فى مصر.
• كيف تصف شخصية الرئيس مبارك من خلال تعاملك معه عن قرب؟
- هو رجل حليم وصبور يأخذ القرارات بتأن دون تهور أو تسرع هادىء الطباع وربما كان هذا بحكم تكوينه العسكرى ،الرئيس مبارك عندما يرانى يمد يده لمصافحتى ويسألنى عن أحوالى وأحياناً لا يخلو الحديث معه من الطرافة.
• وكيف ترى الرئيس مبارك من منظور مواطن مصرى وليس حلاقاً للرئيس؟
- إنجازات الرئيس مبارك على أرض مصر واضحة وضوح الشمس لا ينكرها إلا جاحد. والرئيس مبارك دون أى تحيز أو مجاملة رجل عصره فقد جاء فى وقت كانت مصر فى أمس الحاجة إلى حاكم ينتشلها من آثار الحرب التى عانينا منها لسنوات طويلة ويعبر بها إلى المستقبل بالعمل وليس بالشعارات.
• بصراحة شديدة.. كم تتقاضى نظير حلاقة شعر الرئيس؟
- يضحك محمود لبيب ويقول: إذا كان ولابد فيجب أن أدفع أنا فلوس.. تكفى المكاسب الادبية والمعنوية التى احصل عليها لكونى حلاق الرئيس الخاص، فأنا اعتبر نفسى فى مهمة وطنية. ولا تتصور مدى شعورى بالسعادة عندما اساهم فى حل مشكلة أى انسان خصوصاً أن المحل يمتلىء بالطلبات والشكاوى التى ارسلها لمكتب الشكاوى الخاص برئاسة الجمهورية.. وهذا بالطبع له جزيل الثواب عند الله. ابو ندي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر