الأربعاء، 3 مارس 2010

معنى أن تكون «صابر» بحق..أن تبيع علماً مصرياً بحق وأن تلعب كرة قدم وانت على كرسى متحرك

تصوير ــ أحمد هيمن
صابر على كرسيه يرفع العلم المصرى

على كرسيه المتحرك يجلس صابر حسانين «٢٨ عاماً»، يرسم علم مصر على وجنته، ويمسك بمجموعة من الأعلام التى يبيعها، لا ينادى على الأعلام مثل باقى زملائه فى شارع جامعة الدول العربية، يكتفى بصرخة مبحوحة: «مصر.. مصر.. مصر».

يوفَّق أحياناً فى أن يبيع أعلامه ولا يستطيع فى أحيان أكثر.. ويبرر: «أصل العلم بتاعى أغلى من الأعلام اللى بره، لأنه حاجة نضيفة، صناعة مصرى مش صينى، والنسر بارز ومطرز بالخيوط مش مطبوع أو مش موجود خالص زى أعلام تانية، العلم ده مصرى بجد مش تقليد، عشان كده بيشتريه الزبون اللى فاهم بس».

يبيع «صابر» علمه بأربعين جنيها، يمكن أن يفاصله المشترى ويحصل على خصم يصل إلى خمسة جنيهات. ويمثل بيع الأعلام لصابر مهنة موسمية وهواية قديمة، فهو يبيع المناديل الورقية طوال أيام العام فى شارع جامعة الدول والزمالك لأنهما من المناطق «الشيك»، وهواية قديمة لأنه منذ ولد وهو يعشق لعب كرة القدم، رغم أن إعاقته تمنعه عنها: «أنا باعشق الكورة، باعوض بيها الحاجات اللى نقصانى، أصل أنا زمان كنت بالعب كورة، بانزل من الكرسى وأمشى على إيدى وأشوط الكورة بإيديا، ولو الكورة لمست رجلى يبقى فاول للفريق التانى».

يسكت «صابر» قليلا، يضع يديه على قدميه اللتين لم تحملاه يوما واحدا، ثم ينادى على «مصر» مرة أخرى ليبيع أعلامه: «العيال الصغيرة ماكانوش بيلاعبونى أساساً وأنا كنت بانزل ألعب بإيدى كده بلطجة، كانت أيام حلوة والله».

قبل المباراة بساعات بدأ فى ممارسة عمله المعتاد ببيع الأعلام، طلب من صديقه الذى يرسم الأعلام وضع علم مصر على وجنته «جدعنة»، وبانطلاق صافرة الحكم توقف «صابر» عن بيع الأعلام، يتجه بكرسيه نحو كافيتيريا قريبة تضع شاشة عرض ضخمة، يحرك يديه بسرعة شديدة للحاق بأولى دقائق المباراة، يضع «الكافيه» ستائر قماشية عالية لمنع المتطفلين من مشاهدة المباراة أو إزعاج رواده.

يضع «صابر» رأسه بين تلك الستائر ويحاول مشاهدة ما يمكنه من المباراة: «جدو ده لعيب هايل، ومتعب وزيدان شايلين حمل كبير عن باقى اللعيبة اللى فى المنتخب، وبعدين زيدان لعيب حريف، بيقرا الملعب كويس، وبيرقص كويس».

يحاول صاحب «الكافيه» إبعاد «صابر» فيضع كفيه على عجلات الكرسى ويبدأ فى التحرك متجها نحو تليفزيون صغير فى مقهى شعبى مجاور، الجمهور الواقف يعوق رؤيته، فيحاول أن يشب برقبته ليشاهد المباراة لكنه لا يستطيع، يعدل من موقعه باستخدام الكرسى حتى ينجح فى محاولته أخيراً: «عارف.. أنا عمرى ما جبت جون بإيديا أو فزت،

زى ما هو مش مهم مصر تفوز أو لأ، أنا كنت باستمتع باللعب حتى وأنا معنديش رجلين، باستمتع باللعبة الحلوة من المنتخب أكتر من فرحتى بالفوز». يعاود «صابر» التركيز فى المباراة ويمسك العلم ذا النسر المطرز ويصرخ «مصر.. مصر» دون أن يتضح هدفه، هل هى نداءات للترويج أم للتشجيع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر