الخميس، 18 مارس 2010

عيد الأم مناسبة للحزن والدموع


شعرت (دعاء) بأن قلبها قد هوى عندما جاءها صوت المعلمة قائلة :والآن قد جاء دورك يا (دعاء)، اقرأي لنا، مالذي كتبته عن عيد الأم؟
وبيدين مرتجفتين أمسكت دفترها وقرأت العنوان بصوت خافت:
(عيد الام مناسبة للحزن والدموع!) واسترقت نظرة سريعة حاولت من خلالها أن ترى ردّة فعل المعلمة التي فوجئت بهذا العنوان الغريب، لكنها آثرت الصمت لتعرف ما وراء الأكمة !، وتابعت دعاء القراءة بشفتين مرتعشتين (في الحادي والعشرين من كل آذار تمتلئ الدنيا فرحاً وبهجة وزينة بعيد الأم، ويمتلئ قلبي وقلوب الكثيرات من أمثالي بالحزن واللوعة، لأننا نبحث عن امهاتنا، فلا نجدهن!،، الكلّ يعود بهدية الى أمه التي تتلقاه في حضنها مستبشرة سعيدة، أما نحن فنعود الى بيوتنا تملأ أعيننا الدموع لنجدها فارغة موحشة !
وهنا توقفت دعاء قليلاً لتجفف دمعة ساخنة انحدرت على خدها رغم ارادتها، وتسمّرت المعلمة في ذهول لم تستطع معه أن تقرر، هل توقفها عند هذا الحد أم تتركها تكمل لتفرج عن كل مشاعرها الدفينة
لكن دعاء اراحتها من التردد فقد جاء صوتها مرة اخرى مسترسلاً (لماذا أيها الناس، لاتدعوننا وأحزاننا وذكرياتنا السعيدة مع امهاتنا اللواتي فقدناهنّ لموت أو لسفر أو لأي مصيبة أخرى، أليس لكم في كل يوم مع امهاتكم عيد ،حين تطالعون وجوههن كل صباح وحين يمشّطن شعوركن قبل المدرسة، وحين يقبّلنكنّ قبلة الوداع الصباحية؟، أليس لكم عيد ام كل يوم حين تقبلنهن بعد المدرسة وقبل النوم؟
فلماذا تصرّون على أن تقلّبوا علينا المواجع في كل سنة؟، تملؤون المتاجر والأسواق بالعبارات التي تتحدث عن الأم وحنانها وتطلعون علينا بالاغنيات في التلفاز والاذاعات بمشاهد مؤثرة تعتصرقلوبنا دموعا وآهات ...)
وهنا لم تستطع دعاء أن تتابع فقد غلبتها دموعها، وسقط دفترها من بين يديها وعلا صوتها بالبكاء والنحيب ثم جلست في مقعدها
،وعلى الفور، بادرت المعلمة بالتصفيق الحار وأشارت للطالبات اللواتي أذهلهن الموقف أن يصفقن ففعلن، بينما كانت المعلمة تتوجه نحو (دعاء) واحتضنتها قائلة :لقد أبدعت يا (دعاء) وكنت جريئة وصادقة في التعبير عن مشاعرك، إنني آسفة فكما تعلمين أنا جديدة على صفكم هذا ولم أكن أعلم أن والدتك متوفاة، رحمها الله.
ثم خطر لها خاطر فقالت بصوت عال:هيا أيتها الطالبات لنقرأ جميعا الفاتحة على روح أمّ زميلتنا (دعاء)،،
وبعد أن انهت الطالبات تلاوة الفاتحة وشاركتهن (دعاء) في ذلك.
قالت المعلمة: نعم يا بنات لقد صدقت دعاء، اننا في العالم الاسلامي لسنا بحاجة الى عيد الام، لاننا تعلمنا في مدرسة الاسلام أن كل يوم في علاقتنا مع الوالدين يجب أن يكون عيداً للبر والاحسان ،وحتى بعد وفاتهما يمكننا أن نجعل ذلك العيد اليومي دعاءاً واستغفاراً لهما وعملاً صالحاً يصل أجره اليهما..
ان شأننا مع عيد الأم لا يعدو أن نكون أحد ثلاثة:
-اما باراً بوالديه فليس يزيده عيد الأم براً.
-أو مقصراً في حقهما فليس يغني عنه يوم في السنة من البر شيأً.
-أو فاقداً لأمه أو أبيه يبعث فيه هذا العيد الشجن ويذكره بمصيبته.
أحسنت يا دعاء، والآن أيتها الطالبات من منكن توافق على إطلاق لقب (أديبة المدرسة) على دعاء؟.
وعلى الفور رفعت كل زميلاتها أيديهن موافقات،
وفي صباح اليوم التالي كانت (أديبة المدرسة) تقرأ نفس الموضوع أمام طالبات المدرسة جميعهن بشجاعة وثقة جعلت الطالبات والمعلمات يصفقن بحرارة بالغة وخصوصاً من كانت تشارك دعاء في فقدها لأمها!!.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر