الاثنين، 30 أغسطس 2010

من هم الذين تصلي عليهم الملائكة وتستغفر لهم ؟؟

السعداء الذين تصلي عليهم ملائكة الرحمن وتدعو لهم، وقد أخبر الله عزّ وجلّ ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم عنهم.
ومن أولئك السعداء:

1- من بات طاهراً :
إن من السعداء الذين تستغفر لهم الملائكة الشخص الذي يبيت طاهراً.
ومما يدل على هذا مايلي :
(أ‌) روى الإمام الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " طهِّروا هذه الأجساد طهَّركم الله , فانه ليس من عبد يبيت طاهراً إلا بات معه في شعاره ملك, لاينقلب ساعة من الليل إلا قال: "اللهم اغفر لعبدك فإنه بات طاهراً" .
(ب‌) وروى الإمام ابن حبان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"من بات طاهراً بات في شعاره مَلَك , فلم يستيقظ إلا قال المَلَك:"اللهم اغفر لعبدك فلان, فإنه بات طاهراً".
الله أكبر! ماأيسره من عمل ! وما أجلّه من جزاء ! .
وليس هذا فحسب , بل قد ورد في فضل من بات طاهراً كذلك مارواه الإمامان أحمد وأبو داوود عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مامن مسلم يبيت على ذكر طاهرٍ فيتعار من الليل , فيسأل الله خيراً من الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه".


2- من قعد في إنتظار الصلاة :
وإن من السعداء الذين تستغفر لهم الملائكة وتدعو لهم بالرحمة العبد الذي يجلس في المسجد ينتظر الصلاة , وهو على وضوء . فقد روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" أحدكم ماقعد ينتظر الصلاة في صلاة, مالم يُحْدِث, تدعو له الملائكة" اللهم اغفر له , اللهم ارحمه"
ولقد كان الصالحون من سلف الأمة يحرصون على هذا العمل الجليل, ولا يزالون كذلك. ومن الشواهد الدالة على ذلك مارواه الإمام ابن المبارك عن عطاء بن السائب قال:" دخلنا على أبي عبد الرحمن السلمي- وهو عبدالله بن حبيب –وهو يقضي أي ينزع في المسجد, فقلنا له: " لو تحولت إلى الفرش فإنه أوثر"
قال: حدثني فلان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال"لايزال أحدكم في صلاة مادام في مصلاّه ينتظر الصلاة"
وفي رواية ابن سعد: "والملائكة تقول اللهم اغفر له , اللهم ارحمه".
قال[أبو عبدالرحمن السلمي]: فأريد أن أموت وأنا في مسجدي .
هذا, وأن هناك فضيلةً عظيمة أخرى يتمكن القاعد في إنتظار الصلاة- بفضل الله تعالى- من إدراكها. فلقد بشّر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن دعاء من دعا بين الأذان والإقامة لايُرَدّ. روى الأئمة أحمد وابن خزيمة وابن حبان وضياء الدين المقدسي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الدعاء لايُرَدُّ بين الأذان والإقامة , فادعوا " .

3- من كان في الصفوف المتقدمة في الصلاة:
وإن من أصحاب الحظ العظيم الذين تصلي عليهم الملائكة أولئك الذين يصلّون في الصف الأول, والصف الثاني, وفي الصفوف المتقدمة الأخرى كذلك.
وأما مايدل على صلاة الملائكة على الصف الأول فما رواه الإمام ابن حبان في صحيحه عن البراء رضي الله عنه قال:" كان رسول الله  يقول:" إن الله وملائكته يُصَلّون على الصف الأول" .
وأما مايدل على صلاة الملائكة على الصف الثاني مع صلاتهم على الصف الأول فما رواه الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله وملائكته يصلّون على الصف الأول" .
قالوا:" يارسول الله ! وعلى الثاني" .
قال: " إن الله وملائكته يصلون على الصف الأول " .
قالوا: يارسول الله ! وعلى الثاني؟ .
قال: " وعلى الثاني " .
ففي هذا الحديث الشريف دلالة على صلاة الله تعالى وملائكته على الصف الثاني , ولكن مع بيان فضل الصف الأول عليه لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كرّر ذكر صلاة الله تعالى وملائكته على الصف الأول مرتين .
وأما مايدل على صلاة الملائكة على الصفوف الأُوَل فمنها مارواه الإمامان أبو داوود وابن خزيمة عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عزّ وجلّ وملائكته يصلّون على الصفوف الأُوَل " .
وفي رواية عند الإمام النسائي: " إن الله وملائكته يصلّون على الصفوف المتقدِّمة " .
هذا, وقد ورد في فضل الصف الأول أحاديث أخرى . ومنها مارواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لو يعلم الناس مافي النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه , لاستهموا " .
[النداء: الأذان]
[(إلا أن يستهموا عليه): من الاستهام, وهو الاقتراع.]


4- من كان في ميامن الصفوف في الصلاة :
وممن يسعدون باستغفار الملائكة لهم أولئك الذين يكونون عن يمين الإمام في الصلاة. ومما يدلّ على هذا مارواه الأئمة أبوداود وابن ماجة وابن حبَّان عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف " . وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يحرصون على أن يكونوا عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم عند صلاتهم خلفه. فقد روى الإمام مسلم عن البراء رضي الله عنه قال: " كنا إذا صلينا خلف رسول الله  , أحبَبْنا أن نكون عن يمينه يُقْبِلُ علينا بوجهه " .

5- من وَصَلَ الصف:
وإن من السعداء الذين يحظون بصلاة الله تعالى وملائكته عليهم أولئك الذين يَصِلون الصفوف, فلا يتركون فيها فرجةً. وممّا يدلّ على ذلك مايلي :
(أ‌) روى الأئمة أحمد وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله عز وجل وملائكته عليهم السلام يُصَلُّون على الذين يَصِلون الصفوف " .
(ب‌) وروى الإمام ابن خزيمة عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الصف من ناحية إلى ناحية , فيمسح مناكبنا أو صدورنا, ويقول:" لاتختلفوا, فتختلف قلوبكم " .
قال:" وكان يقول: " إن الله وملائكته يُصلّون على الذين يَصِلُون الصفوف الأُوَل " .
هذا, وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شديدي الحرص والعناية بوصل الصفوف . ومما يدل على ذلك مايلي:
(أ‌) روى الإمام البخاري عن أنس رضي الله عنه عن النبي  قال:" أقيموا صفوفكم فإني أراكم من وراء ظهري " .
وكان أحدنا يُلزق منكِبَه بمَنكِبِ صاحبه , وقدَمه بِقدمه .
(ب‌) وروى الإمام أبو داود عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال:" أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس بوجهه , فقال " أقيموا صفوفكم " ، ثلاثاً " والله ! لتقيمنَّ صفوفكم أو ليخالفنَّ بين قلوبكم" .
قال : " فرأيت الرجل يُلْزِق منكبه بمنكب صاحبه ، وركبته بركبة صاحبه , وكعبه بكعبه "

6- من كان في صلاة الجماعة وقت تأمين الملائكة عند قراءة الإمام الفاتحة :
دلت نصوص صريحة ثابتة على أن الملائكة تؤمِّن عند قراءة الإمام الفاتحة. ومما يدل على ذلك مايلي:
(أ‌) روى الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضَّآلين فقولوا: آمين , فإنه من وافق قولُه قول الملائكة غُفِر له ماتقدم من ذنبه " .
(ب‌) روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إذا قال أحدكم آمين وقالت الملائكة في السماء آمين , فوافقت إحداهما الأخرى غُفِر له ماتقدّم من ذنبه " .
وبهذا يُعلم أن الملائكة يشفعون للمصلِّين عند نهاية قراءة الإمام الفاتحة , وذلك بقولهم آنذاك:" آمين"
أي: اللهم استجب دعوتهم .


7- من جلس في مصلاَّه بعد الصلاة :
وإن من السعداء الذين تصلي عليهم الملائكة أولئك الذين يجلسون بعد أداء الصلاة في مُصلاَّهم . ومما يدل على ذلك مايلي:
(أ‌) روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" الملائكة تصلِّي على أحدكم مادام في مصلاَّه الذي صلَّى فيه , مالم يحدث :" اللهم اغفر له , اللهم ارحمه " .
(ب‌) وروى الإمام أحمد عن أبي عبدالرحمن قال:" سمعتُ علياً رضي الله عنه يقول: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن العبد إذا جلس في مصلاّه بعد الصلاة صلّتْ عليه الملائكة, وصلاتُهم عليه: اللهم اغفر له , اللهم ارحمه " .
وإن جلس ينتظر الصلاة صلّت عليه الملائكة ، وصلاتهم عليه: " اللهم اغفر له , اللهم ارحمه" .
هذا , وقد أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن الجلوس في المسجد بعد الصلاة من الأعمال التي يختصم الملأ الأعلى في إثباتها والصعود بها إلى السماء , وأنه من تلك الأعمال التي تسمَّى كفارات, وأن من فعلها عاش بخير ومات بخير, وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه . فقد روى الإمام الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة " .
قال: "أحسبه قال : " في المنام " .
فقال:" يامحمد ! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ "
قال : قلت:" لا " .
قال:" فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي " أو قال:" في نحري ، فعلمت مافي السموات ومافي الأرض " .
قال: " يامحمد ! هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟" .
قلت: " نعم في الكفارات . والكفارات: المكث في المسجد بعد الصلاة , والمشي إلى الأقدام على الجماعات ، وإسباغ الوضوء في المكاره . ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه " .
# وقد أورد المؤلف سؤالاً وهو( هل للنساء , إذا جلسن في مصلاّهن في البيوت بعد الصلاة نصيبٌ مما ذُكِر من صلاة الملائكة على الجالس في مصلاّه بعد الصلاة؟)
وأجاب ( أقول: يُرجى بفضل الله تعالى ورحمته أن لهنّ ذلك , لأنه لم يفرض عليهن حضور المساجد بل إن صلاتهن في بيوتهن أفضل من صلاتهن في المساجد وكذلك جلوسهن في مصلاّهنّ في البيوت يكون أفضل من الجلوس في مصلاهن في المساجد. والله تعالى أعلم بالصواب.)
# هذا ، وقد أجاب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى عن سؤال قريب من هذا . وفيما يلي ماجاء في السؤال والجواب:
س : هل المكوث في المنزل بعد صلاة الفجر لقراءة القرآن حتى تطلع الشمس ثم يصلي الإنسان ركعتي الشروق ، له نفس الأجر الذي يحصل بالمكوث في المسجد؟
ج : هذا العمل فيه خير كثير وأجر عظيم , لكن ظاهر الأحاديث الواردة في ذلك أنه لايحصل له نفس الاجر الذي وُعِد به إلا من جلس في مصلاه في المسجد , لكن لو صلّى في بيته صلاة الفجر لمرض أو خوف ثم جلس في مصلاه يذكر الله أو يقرأ القرآن حتى ترتفع الشمس ثم يصلي ركعتين فإنه يحصل له ما ورد في الأحاديث لكونه معذوراً حين صلّى في بيته ، وهكذا المرأة إذا جلستْ في مصلاّها بعد صلاة الفجر تذكر الله أو تقرأ القرآن حتى ترتفع الشمس ثم تصلّي ركعتين فإنه يحصل لها ذلك الأجر الذي جاءت به الأحاديث".


8- من صلَّى الفجر والعصر في الجماعة :
وإن من السعداء الذين تستغفر لهم الملائكة أولئك الذين يصلّون صلاتي الفجر والعصر في الجماعة. ومما يدل على هذا مارواه الأئمة أحمد وابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر وصلاة العصر ، فيجتمعون في صلاة الفجر فتصْعد ملائكة الليل ، وتثبت ملائكة النهار ، ويجتمعون في صلاة العصر، فتصعد ملائكة النهار، وتثبت ملائكة الليل ، فيسألهم ربهم: "كيف تركتم عبادي؟"
فيقولون: " أتيناهم وهم يصلون , وتركناهم وهم يصلّون , فاغفر لهم يوم الدين " .


9- من صلّى على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم :
وإنّ ممن يسعدون بصلاة الملائكة عليهم أولئك الذين يصلّون على النبي الكريم صلى الله عليه وسلم . ويدل على هذا مارواه الإمام أحمد عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: "من صلّى على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة , فليُقِلَّ عبدٌ من ذلك أو لِيُكْثِرْ " .
وقد رُويَ عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من صلّى عليّ صلاة صلّى الله عليه بها عشراً " .
هذا, وقد حث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على إكثار الصلاة عليه . فقد روى الإمام الترمذي عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال :" قلت:" يارسول الله ! إني أكثر الصلاة عليك ، فكم أجعل لك من صلاتي؟"
قال:" ماشئت "
قلتُ: "الرُبُع؟ "
قال: " ماشئت ، فإن زدتَ فهو خير لك "
قلت: " فالنصف؟ "
قال: " ماشئت ، وإن زدْتَ فهو خير"
قلت: " فالثلثين؟ "
قال: " ماشئت فإن زدْت فهو خير "
قلت: " أجعل لك صلاتي كلها؟ "
قال: " إذاً تُكْفى هَمَّك ويُغفر ذنبك ".
وقد جاء في رواية عن الإمام أحمد عن أُبي بن كعب رضي الله عنه قال: " قال رجل يارسول الله ! أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ "
قال: " إذاً يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك ".


10- من دعا له أخوه بظهر الغيب ، ومن دعا لأخيه بظهر الغيب :
وإن ممن يسعدون بدعاء الملائكة المرء الذي يُدْعى له بظهر الغيب ، وكذلك الداعي له, ومما يدل على ذلك مارواه الإمام مسلم عن صفوان، وهو ابن عبدالله بن صفوان، وكانت تحته الدرداء، قال: " قدمتُ الشام ، فأتيتُ أبا الدرداء رضي الله عنه في منزله فلم أجده ووجدت أم الدرداء رحمها الله تعالى، فقالت:" أتريد الحج العام ؟"
فقلت:" نعم "
قالت: " فادع الله لنا بخير، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:" دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه مَلَك موكل، كلما دعا لأخيه بخير، قال المَلَك الموكل به: آمين، ولك بمثل " .
قال:" فخرجتُ إلى السوق، فلقيت أبا الدرداء رضي الله عنه،فقال لي مثل ذلك، يرويه عن النبيصلى الله عليه وسلم ".

قال القاضي عياض: " وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة لأنها تُسْتجاب، ويحصل له مثلها ".
وذكر الحافظ الذهبي عن أم الدرداء رحمها الله تعالى أنه كان لأبي الدرداء رضي الله عنه ستون وثلاثمائة خليل في الله، يدعو لهم في الصلاة، فقالت له في ذلك، فقال:" أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة".

11- من أنفق في سبل الخير :
وممن تدعو لهم الملائكة أولئك الذين ينفقون في سُبُل الخير. ومما يدل على هذا مايلي:
(أ‌) روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مامن يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما:" اللهم أعط منفقاً خلفاً " ، ويقول الآخر:" اللهم أعط ممسكاً تلفاً ".
(ب‌) وروى الأئمة أحمد وابن حبان والحاكم عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ماطلعت شمس قط إلا بُعِث بجَنْبَتَيها مَلَكان يناديان، يُسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: ياأيها الناس ! هلمّوا إلى ربكم فإن ماقلّ وكفى خير مما كثر وألهى"
ولا آبت شمس قط إلا بُعث بجنبتيها ملكان يناديان يُسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: " اللهم أعط منفقاً خلفاً ، وأعط ممسكاً تلفاً ".
(ج‌) وروى الإمامان أحمد وابن حبّان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن مَلكاً بباب من أبواب الجنة يقول:" من يُقْرض اليوم يُجْز غداً , ومَلَك بباب آخر يقول: اللهم أعط منفقاً خلفاً, وأعط ممسكاً تلفاً ".

12- من أكل السحور :
وإن من السعداء الذين يحظون بصلاة الملائكة عليهم أيضاً المتسحرين. ومما يدل على ذلك مايلي:
(أ‌) روى الإمامان ابن حبان والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله وملائكته يصلّون على المتسحِّرين ".
(ب‌) وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "السَحُور أكلُه بركة فلا تدعوه, ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء , فإن الله وملائكته يصلّون على المتسحِّرين " .
وقال الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا تعليقاً على الحديث الشريف:" صلاة الله عليهم رحمته إياهم, وصلاة الملائكة استغفار لهم، فمن لم يتسحر يحرم من رحمة الله عز وجل ، واستغفار الملائكة في هذا الوقت".
هذا , وقد وردت عدة أحاديث أخرى حث فيها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمته على السحور.
ومنها مايلي:
1- روى الإمام مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ".
2- وروى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي  :" تسحَّروا فإن في السحور بركة ".
3- وروى الإمام النسائي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان، وقال:" هلموا إلى الغداء المبارك ",

13- من أُكِل عنده وهو صائم :
وإن ممن يسعدون بصلاة الملائكة عليهم الصائم إذا أُكِل عنده. ومما يدل على ذلك مارواه الإمامان أحمد وابن ماجه عن أم عمارة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها. قال: وثاب إليها رجال من قومها.
قال: فقدمت إليهم تمراً، فأكلوا. فتنحى رجل منهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " ماشأنه؟"
فقال:" إني صائم "
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أما إنه مامن صائم يأكل عنده فواطر إلا صلَّت عليه الملائكة حتى يقوموا ".
وجاء في رواية أخرى رواها الأئمة أحمد والترمذي وابن خزيمة وابن حبان عن أم عمارة بنت كعب رضي الله عنها أن رسول الله  قال:" إن الملائكة تصلّي على الصائم إذا أُكِل عنده حتى يفرغوا"
وقال الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا في شرح قوله صلى الله عليه وسلم :" صلّتْ عليه الملائكة " : أي استغفرت له بسبب صبره على الجوع مع وجود الأكل، لاسيما إذا مالت نفسه إليه، واشتد صومه عليه.


14- من عاد مريضاً :
وإن ممن يحظى بصلاة الملائكة عليه كذلك المسلم الذي يعود أخاه. ومما يدل على ذلك مارواه الإمامان أحمد وابن حبان عن علي رضي الله عنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" مامن مسلم عاد أخاه إلا ابتعث الله له سبعين ألف مَلَك يصلّون عليه من أيِّ ساعات النهار كان، حتى يمسي ، ومن أيِّ ساعات الليل كان، حتى يصبح".
وقال الشيخ أحمد عبدالرحمن البنا في شرح الحديث الشريف:" صلاة الملائكة على بني آدم دعاؤهم لهم بالرحمة والمغفرة".
هذا، وقد جاء في رواية مايبين المراد بصلاة الملائكة على عائد المريض، كما ورد فيها أن له خريفاً في الجنة أيضاً بسبب عيادته المريض.
فقد روى الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" من عاد مريضاً بُكراً شَيَّعه سبعون ألف ملك، كلّهم يستغفر له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة. وإن عاده مساءً شيَّعه سبعون ألف ملك, كلهم يستغفر له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة ".

هذا، وقد وردت أحاديث أخرى تدل على فضل عيادة المريض. ومنها مايلي:
1- روى الإمام أحمد عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من عاد مريضاً لم يزل يخوض في الرحمة حتى يرجع، فإذا جلس اغتمس فيها ".
ومما نستفيد من الحديث الشريف أن عائد المريض يدخل في الرحمة من حين خروجه من بيته بنية العيادة حتى عودته من حيث خرج. وأنه يغوص ويستغرق في الرحمة وقت جلوسه لدى المريض.
2- روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إن الله عز وجل يقول يوم القيامة" : " ياابن آدم! مرضتُ فلم تعدْني "
قال:" يارب! كيف أعودك وأنت رب العالمين؟"
قال:" أمَا علِمتَ أن عبدي فلاناً مرض فلم تعدْه؟ أما علمتَ أنّك إن عدْته لوجدتَّني عنده؟".
قال الإمام النووي في شرح قوله :" لوجدتني عنده" أي وجدت ثوابي وكرامتي.
وقال الملاّ علي القاري في شرحه: لوجدت رضائي عنده.
وقد عاد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم غلاماً يهودياً فقد روى الإمام البخاري عن أنس رضي الله قال:" كان غلام يهودي يخدم النبي  فمرض، فأتاه النبي يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له:" أسلم "
فنظر إلى أبيه، وهو عنده ، فقال له : أطع أبا القاسم-صلى الله عليه وسلم فأسلَم ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول:" الحمد لله الذي أنقذه من النار ".

15- من قال خيراً عند المريض والميت :
وإن مما تدعو له الملائكة بالاستجابة مايقال عند المريض و الميت. ومما يدل على ذلك مارواه الأئمة أحمد ومسلم والترمذي والبيهقي عن أم سلمة رضي الله قالت:" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيراً، فإن الملائكة يؤمِّنون على ماتقولون ".
وقال الإمام النووي تعليقاً على الحديث الشريف:" فيه الندب إلى قول الخير حينئذ من الدعاء والاستغفار له, وطلب اللطف به، والتخفيف عنه، ونحوه. وفيه حضور الملائكة حينئذ وتأمينهم".

16- من علّم الناس الخير :
وإن ممّن يُكْرَمون بصلاة الملائكة عليهم من علّم الناس علم الدين ومابه نجاتهم. ويدل على ذلك مارواه الإمام الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال:" ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان: أحدهما عابد، والآخر عالِم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فضل العالِم على العابد كفضلي على أدناكم".
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت ليصلّون على معلِّم الناس الخير".
والمراد بـ(الخير)- كما قيل- أراد بالخير هنا علم الدين ، ومابه نجاةُ الرجل ، ولم يُطْلِق المعلِّم ليُعلَمَ أن استحقاق الدعاء لأجل تعليم علم موصل إلى الخير.

17- من آمن وتاب واتَّبع سبيل الله تعالى ، ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم :
هناك أناسٌ من السعداء تدعو لهم الملائكة من حملة العرش ومن حوله. وقد أخبر بذلك أصدق القائلين ربنا عز وجل حيث قال: الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين ءامنوا ربنا وسعت كل شئٍ رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم  ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من ءابائِهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم  وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم 
ولعله من المناسب ذكر الأمور التالية في هذا المقام:
# أولاً: إن الملائكة المذكورين في هذه الآيات الكريمة[ حملة العرش ومن حوله] الذين يدعون للمؤمنين هم – كما ذكر الإمام القرطبي- أشراف الملائكة وأفضلهم.
# ثانياً: إن الذين تدعو لهم حملة العرش ومن حوله من الملائكة، يتصفون بثلاث صفات، وهي:
(أ)- الإيمان (ب)- التوبة: أي من الشرك والمعاصي (ج)- اتباع سبيل الله تعالى:أي دين الإسلام.
# ثالثاً: يطلب الملائكة من ربهم عزّ وجلّ لأولئك السعداء خمسة أمور، وهي كما يلي:
(أ)- مغفرة ذنوبهم (ب)- وقايتهم من عذاب الجحيم (ج)إدخالهم جنات عدن
(د)- إدخال من صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم جنات عدن (هـ)- وقايتهم من السيئات ووبالها .
# رابعاً: ماأعظم هذا الجزاء وما أجَلّه! وما أَسعد من ناله!. قال يحيى بن معاذ الرازي لأصحابه في هذه الآية: " افهموها فما في العالم جنة أرجى منها . إن ملكاً واحداً لو سأل الله أن يغفر لجميع المؤمنين لغفر لهم، كيف وجميع الملائكة وحملة العرش يستغفرون للمؤمنين".

18- صلاة الملائكة على إمام الأنبياء وقائد المرسلين رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:
إن أسعد خلق الله عز وجل وأعلاهم وأجلّهم وأكملهم وأفضلهم الذي تصلّي عليه الملائكة هو نبينا الكريم صلى الله عليه وسلمقال عز وجل :  إن الله وملائكته يصلّون على النبي ياأيها الذين ءامنوا صلّوا عليه وسلموا تسليماً .
قال الحافظ ابن كثير في تفسير الآية الكريمة:" والمقصود من هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين, وأن الملائكة تصلّي عليه. ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العَالَمَيْن العلوي والسفلي جميعاً ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر