الجمعة، 1 أكتوبر 2010

سجل الخلود ....... مقال بقلم : محمد حسني مبارك


تعجز الكلمات عن التعبير عن كل المعاني‏,‏ فالأحداث جسام وما يجيش في خاطري كثير‏,‏ ونحن امام التاريخ مطالبون بأن نسجل هذه الاحداث التي كانت حجر الزاوية في طريق أمتنا المصرية‏,

‏ بل في طريق الأمة العربية جمعاء لتكون نبراسا للأجيال المقبلة وقدوة للدارسين‏.‏
إن الأعمال البطولية التي سجلتها القوات المسلحة المصرية يوم ان انطلقت كالشرارة في السادس من أكتوبر‏1973‏ تتوجها بطولات القوات الجوية‏,‏ تلك البطولات التي لمسها ولا ينكرها احد والتي سمع بها وعرف بأمرها المدنيون والعسكريون علي السواء‏.‏
ان هذه الاعمال البطولية كان لها الفضل الاول في احراز السيطرة الجوية خلال المعارك واصابة العدو بالشلل منذ الدقائق الاولي للمعركة‏.‏
ولقد وضح الدور البارز للقوات الجوية المصرية في الاشتراك في الدفاع الجوي‏,‏ ومعاونة الجيوش البرية ومساندة عمليات القوات البحرية‏,‏ وأصبح الجندي المصري يعمل تحت مظلة من حماية طائراتنا‏,‏ مما كان له اكبر الاثر في احراز التقدم في عمليات هذه القوات‏.‏
إن بطولات القوات الجوية لن نتغني بها فهذا واجبنا‏,‏ ولكنها بلاشك قد غسلت عارا ألصق بها ظلما في نكسة‏1967‏ وبذلك كشفت للعالم أجمع عن نوعية الطيار المصري الذي كال لإسرائيل الضربات فأفقدها صوابها‏.‏ فقد تساقطت امام شجاعته طائرات الفانتوم والميراج وسكاي هوك وكأنها اوراق الخريف رغم ماتحمله من أسلحة وما تتميز به من مزايا‏.‏
وبشجاعة الطيارين المصريين قصفت الأهداف المعادية في أعماق سيناء فأصاب العدو شلل أفقده صوابه عدة ايام‏..‏ وبشجاعة الطيارين المصريين تمكنت قواتنا الخاصة وقوات الإبرار من بلوغ اعماق سيناء وقامت بمهامها في التعامل مع العدو ودحره وتقطيع خطوط امداده ومواصلاته‏..‏ وبشجاعة الطيارين المصريين استطاعت الإمدادات ان تتوالي لجيوشنا ولم تنقطع عنها احتياجاتها‏..‏ وبشجاعة الطيارين المصريين لم نبال بأعداد طائرات العدو بل اشتبكت طائراتنا مع الطائرات المعادية وأسقطت منها العديد‏,‏ ومنعتها من تنفيذ مهامها وأرغمت باقيها علي الفرار‏..‏ وبشجاعة الطيارين المصريين ردت عشرات من طائرات الاعداء من حيث اتت‏,‏ واسقطت حمولاتها في البحر والصحراء والحقول بعيدا عن اهدافها‏.‏
إن فخري بأعمال طيارينا لايعادله شيء‏,‏ فلقد عزفت القوات الجوية أروع نشيد للخلود بفضل من استشهد من أبنائها في ميدان الشرف والجهاد دفاعا عن الحق المسلوب وإيمانا بالله والوطن‏.‏
إن شهداءنا بناة هذا المجد علي مر التاريخ هم في سويداء قلوبنا‏..‏ أشجع الرجال وأنقي الرجال‏..‏ أبطال الحق في جنات عند ربهم يرزقون حسبهم ما وعدهم الله به‏:‏ والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل اعمالهم‏,‏ سيهديهم ويصلح بالهم ويدخلهم الجنة عرفها لهم‏.‏
ومهما قلنا أو حاولنا‏,‏ فلن نستطيع ان نوفيهم حقهم من التخليد‏,‏ وحسبنا اننا حملنا الامانة وأطعنا نداء الوطن فتساقط منا رجال‏,‏ أصدق مايقال فيهم ما وصفهم به الله في كتابه الكريم حيث يقول‏:‏ من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر ومابدلوا تبديلا‏.‏
وليس هناك شك في ان تماسك القوات الجوية منذ اللحظة الاولي للمعركة حتي نهايتها وبعد ذلك‏,‏ وما استطاعت ان تحققه من منجزات تضرب بها الامثال يرجع فضله الي قيام كل التخصصات بمهامها في تفان واتقان وبحماس واستشهاد سواء في ذلك الضباط والجنود وسواء في ذلك الطيارون والملاحون والمهندسون والإداريون في كل المجالات منهم من قام بأعمال تفوق الخيال شجاعة واقداما‏.‏
ولاشك ايضا في ان نتائج المعارك الجوية سيكون لها النصيب الاوفر من الدراسات‏..‏ ونصيحتي إليكم ضباط القوات الجوية ان تحرصوا علي مابلغته قواتنا الجوية من مستوي رفيع‏,‏ واجعلوا نصب اعينكم ان النصر لم يسقه الله الينا جزافا بل لصدق نياتنا ودقة تدريباتنا وسلامة تخطيطنا‏.‏
ان الدروس المستفادة من معاركنا الجوية لاحصر لها‏,‏ فادرسوها لتكون محور تدريباتكم ولنقف علي نواحي القصور في أعمالنا لنتغلب عليها‏,‏ ولنسر قدما دائما الي الامام‏.‏
كذلك فإن البطولات التي ضربها شهداؤنا عديدة‏,‏ فارووها لضباطكم وجنودكم وأبنائكم ليتخذوا منها قدوة وليرفعوا ذكراها في التاريخ‏.‏ كذلك الاعمال التي سبقت المعركة وواكبتها واعقبتها‏,‏ سيروي التاريخ انها ثمار ست سنوات من العرق والكفاح والتعب والتدريب المتواصل والتخطيط اليقظ‏.‏
ثقتي بالله ليست لها حدود‏..‏
وثقتي بكم ليست لها نهاية‏..‏
وشكري لله الذي منحنا النصر في القلب‏..‏
وشكري لكم اسجله علي هذه الصفحات‏..‏
واخص به ايضا اخوة لنا في الاقطار العربية الشقيقة‏,‏ اتوا ليقفوا معنا وليشاركونا معركتنا وتساقط منهم شهداء سجلوا للعالم أجمع ان امة العرب امة واحدة‏,‏ وهي قادرة علي الاجتماع علي الكلمة الواحدة والعمل الموحد‏..‏ أمة لاتلين لها قناة ولا تطويها الأحداث مهما كانت جساما‏.‏
إن المعركة لم تنته بعد‏..‏ ومستقبل هذه الأمة ومستقبل العروبة كله مازال في أيديكم‏.‏
ولقد كان الله معنا‏..‏ ومازال عونه يظلنا‏..‏ فلنواصل الكفاح حتي نهاية الجولة‏..‏ وحتي يثمر النصر الذي حققناه سلاما علي ربوع هذه الارض الطيبة‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر