السبت، 25 ديسمبر 2010

هل هذه اخلاقنا ؟؟!!

كان من الممكن الا نلجأ الى التعميم فى رصد الظواهر المقيتة التى طفت على سطح المجتمع المصرى مؤخرا ، وان نتجنب الحديث عنها والضحك على أنفسنا بالقول انها حالات فردية يمكن علاجها ، حرصا على سمعة شعب بأكمله واحتراما لمكانته بين الشعوب ، الا ان الظاهرة التى تفشت فى المجتمع المصرى بدت ملامحها وبرزت بشكل يثير القرف والتقيؤ فى المجتمع المصرى ، وبدا الكل يتعامل مع ظاهرة التفوه بكلمات نابية او الفاظ خادشة للحياء على انها نوع من أنواع التنكيت وخفة الدم او الاستظراف أو نوع من انواع التفريغ عن الكبت ، فتجاهلنا الحديث عنها وكأن الحديث فى هذا الامر بات من المحرمات او الخطوط الحمراء التى لا يمكن تجاوزها ، حتى أصبحت ( سلوك عادى ) تطور الى ان أصبح نمط حياة يتسم به المجتمع المصرى مخترقا معظم طبقاته الاجتماعية وفئاته النوعية والعمرية بلا استثناء ، فى ظل انعدام دور المؤسسات التربوية ، والدينية والاجتماعية . ودور الاسرة .

احيانا يتسأل الفرد عن أسباب تفشى الظواهرالسلبية فى المجتمعات كانعدام الحياء ، والتحرش الجنسى ، الرشى ، والمحسوبيات ، النفاق ، والوصولية ، عدم احترام قدسية الشارع والبيت والمدرسة ، ويرجع كل هذا الى انعدام وجود القيم والاخلاق والعادات الاصيلة التى تمتد جذورها الى الاديان السماوية والشرائع رغم ما يطلق على تلك المجتمعات من انها مجتمعات متدينة فى ظاهرها ومتدنية فى باطنها ، تناقض رهيب قد تجده فى افرادها وجماعاتها ، فتجد الفرد الذى يبدو من مظهره انه شخص متحضر ، لسانه لا ينطق عن الهوى، فى أول عثرة له تجده وقد تحول الى شخص اخر بذىء اللسان ، متخلف الفكر .. تنهال من فمه قاذورات تعجز عن لملمتها ، فلا تملك امام هذا التناقض الا الدهشة والتعجب !!

ودعونا نخترق المحرمات ونجتاز أسوار الخطوط الحمراء ، ونقف امام مرآة صادقة نرى فيها عيوبنا وقاذوراتنا كمجتمع مازال فيه بقية كرامة واحترام لانفسنا ، ونسأل أنفسنا هل نحن راضون عن احوال الشارع المصرى ، والفضائيات المصرية ، الافلام والمسلسلات المصرية ، وسلوكيات المصرى سواء رجل او سيدة او فتاة او شاب ، او حتى أطفال ؟ هل نحن راضون عن تشويه صورة المصرى فى عيون مجتمعات الشرق والغرب ؟ هل الشعب المصرى اليوم هو نفس الشعب المصرى من 40 او 50 سنة مضت ؟ لنتأكد من الاجابة على تلك الاسئلة علينا جميعا ان نطرح تلك الاسئلة على اجدادنا الذين عاشوا تلك الحقبة الماضية ونقارن بين وصفهم للحياة فى مصر الماضى ومصر الحاضر ، وانا على يقين ان الفارق كبير جدا سيثيرنا بالغضب والقرف من احوالنا ومن أنفسنا .

عندما يخرج عليك من احدى الفضائيات احد المذيعين المشهورين اسما ومكانة فى عالم الصحافة والاعلام ( مدحت شلبى ) فى احد برامجه الرياضية ليتلو عليك " نكتة جنسية قذرة " ، أو يخرج عليك احد الرياضيين ( احمد رفعت ) ليتفوه بألفاظ خادشة لحياء المشاهد وبحق الرياضى ( احمد حازم ) ، او تذهب لمشاهدة مباراة فى نادى او استاد فتسمع من الالفاظ النابية ما يجعلك تكره هذا الشعب وسلوكه ، حينها قل على الرياضة التى تهذب سلوك الفرد السلام ، فقد وصلت الى ادنى درجات الانحطاط .

الامر لايقتصر فقط على المجال الرياضى بل انتقل الى الشارع المصرى بشكل فج ومقيت ، فترى الاطفال والكبار على حد سواء لا يخجلون من قذف تلك الالفاظ من أفواههم ( بشكل عادى ) ويطريقة ابشع مما تسمعه فى البرامج الفضائية او المسلسلات والافلام والمسارح المصرية ، أوترى المرور مكتظ ومعطل لساعات فتكتشف ان السبب مشاجرة بين اثنين تصادما او احدهم اخترق النظام وتجاوز دوره فى الوقوف وسارع كلا منهما فى توجيه أقذع الالفاظ للاخر أقلها ( انت حمار؟ ) وتبدأ المشاحنات بكل عنف تنتهى فى معظم الاحيان بالضرب المتبادل والتكسير والسب والشتم بالام والاب والدين وكل الملل ، حينها لا تملك الا ان تقول وداعا للقيم والحياء والادب !!

نتجاوز الشارع ونخترق طبقة عليه القوم داخل ساحة البرلمان المصرى فتجد وزير يسب الدين تحت قبته واخر يرفع حذائه تهديدا لمنتقديه ، وأخرى تتهجم على قاضى محترم بأقذع الالفاظ لمجرد انه كشف تزويرها فى الانتخابات ، اما فى الوسط الفنى فحدث ولا حرج ترى امام الفضائيات وجوها ما أجملها وألسنة ما أروع كلماتها بينما خلف الكواليس ترى كل الموبقات فيما بينهم الا من رحمه ربى وتاب عليه من هذا الوسط .

الامر لا يحتاج منا سرد النماذج التى يتم تداولها من الالفاظ النابية والخادشة للحياء فهى معلومة لدى الجميع ، ولا تحتاج لادلة لتثبت لنا شيئا واحدا أصبح الجميع متفقا عليه الا وهو اننا شعب غير مؤدب وغير مهذب وبحاجة الى إعادة تربية ، والى قانون رادع للكل ، من المواطن العادى الى رجال الدولة ، بحاجة الى تعليم الناس كيفية احترام الاخرين واحترام الشارع واحترام أنفسنا قبل كل شىء ، بحاجة الى إعادة الحياء الى قيم مجتمعنا الذى ضاع وسط جملة المفاسد التى نراها فى حياتنا اليومية ، بحاجة الى تنظيف شوارعنا من القمامة ( الزبالة اللفظية ) ، بحاجة الى التخلص من التناقض الذى نعيشه والازدواجية فى سلوكنا والتخلص من الاقنعة التى نجمل بها وجوهنا ، فأسوأ ما يحزنك ان المصرى خارج بلده تراه لا يجرؤ على ممارسة موبقاته فى اى مكان اخر غير بلده ، تراه نشيطا فى عمله ، مهذبا فى تعامله مع الاخرين ، يحترم قوانين البلد التى يعمل بها ، وبمجرد نزوله الى أرض مطار القاهرة يتحول كل هذا الى سلوك مناقض لما كان عليه فى بلاد الغربة ، وربما يرجع هذا الى حرصه على الاحتفاظ بمصدر رزقه وعمله أكثر من حرصه على ترجمة قيم دينه فى سلوكه اليومى ، بينما المفترض ان يكون هكذا فى كل مكان يتواجد فيه بعيدا عن اتباع سياسة ( الوجهين ) والتفاخر بسمات وقيم لم تعد موجودة فينا اليوم بل باتت فعل ماضى .

اذا كنا ندعى اننا مجتمع متدين ، فالتدين لا يعنى التناقض بين الشكل والجوهر ، ولا يعنى الحرص على المظهر الخارجى امام الناس بينما سلوكنا بعيد كل البعد عن قيم الاخلاق والفضيلة ، وابرز سمات المسلم ليس فى طهارة بدنه فقط بل طهارة لسانه ويده وعينيه وقلبه وعقله ، واللسان هو المعبر الوحيد عن بواطن النفس البشرية ، وسلوكها هو الفيصل والحكم على طبيعة تلك النفس .. بعيدا عن الجعجعة والصوت العالى والسباب والشتم والتنابز بالالقاب وخدش حياء الاخرين بألفاظ لا تليق باى مسلم ، ولا يضحك منها ويستسيغ سماعها سوى البلهاء والجهلاء وعديمى الاخلاق والضمير .
وفاء اسماعيل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر