
وسط انشغال الأوساط لمصرية بأحداث ثورة الغضب والتي اندلعت بمظاهرات 25 يناير الماضي، وفي ظل الغياب التام للأجهزة التنفيذية بالدولة وجهاز الشرطة، بدأت حمى التعديات على الأراضي الزراعية بمحافظات مصر وخاصة منطقة الدلتا.
فبات من المألوف أن ترى حالة النشاط البالغ طوال الليل في القرى المصرية حيث تتوافد العربات المحملة بمواد البناء عليها، وينشط ليلا العاملون بالبناء حيث يتسارع الجميع في البناء على أكبر مساحة من الأرض الزراعية التي يمتلكها قبل أن تعاود السلطة التنفيذية استئناف عملها.
ويراهن الفلاحون على أن السلطة التنفيذية وجهاز الشرطة باتوا من الضعف من أن يقاموا أو يزيلوا التعديات التي تحدث على الأرض الزراعية، وآملين أن حكومة الفريق أحمد شفيق المستأنسة لن تقوى على إغضابهم بإزالة التعديات، بعد أن ضاق بهم مساكنهم وباتوا في حاجة إلى توسعات دون النظر إلى الخطر القادم جراء تآكل الرقعة الزراعية.
وبحسب المواطنون أدى الإقبال الجنوني على البناء بالأراضي الزراعية إلى ارتفاعات قياسية في أسعار مواد البناء بالمحافظات فبحسب مراقبون ارتفع سعر طن الأسمنت من حوالي 500 جنيه إلى أكثر من 1200 جنيه، وارتفع سعر طوب البناء : الألف من حوالي 200 جنيه إلى أكثر من 500 جنيه" كما ارتفع سعر حديد الأسمنت ليقترب من 9000 جنيه للطن.
تجولنا في عدة محافظات بالدلتا وهالنا بشاعة وضخامة التعديات، وكذا حالة الإسراع والتنامي في التعديات يوما بعد آخر، وبداية قال لنا "هـ.ر" أحمد فلاحي محافظة المنوفية أنه بعد غياب المجلس المحلي وفي ظل الإجراءات المشددة التي كانت متبعة في حالة البناء على الأراضي الزراعية وبعد أن ضاق به منزله، لم يجد مفر من استغلال الفرصة والبناء على قطعة من أرضه الزراعية على أمل أن تتغير القوانين بعد التغيرات الكبيرة التي تشهدها البلاد.
وحول خطورة ما يحدث وتأثير ذلك على تقليص الرقعة الزراعية قال" الأرض كده كده ما عدتش بتجيب همها يبقى نستغلها في حاجة أحسن يا نبورها".
وقال آخر إن أحد المسئولين بالوحدة الزراعية للقرية التابع لها بمحافظة المنوفية أكد لهم أن الوحدة الزراعية والمسئولة عن إصدار قرارات الإزالة لن تتخذ ضدهم أية إجراءات وهو ما شجعهم على البناء بالرغم من لارتفاع الجنوني لأسعار مواد البناء.
ولم يختلف المشهد كثيرا في محافظة الغربية حيث أعلن اللواء عبد الحميد الشناوي، محافظ الغربية، أن جملة التعديات على الأراضي الزراعية بالمحافظة، خلال المظاهرات والأحداث الأخيرة، وصلت إلى نحو 140 فدانًا تم التعدي عليها والبناء بالمخالفة من قبل المواطنين وضياع قيمتها الزراعية.
وفي محافظة الفيوم وبحسب شهود عيان، شهدت قرية الغرق بمركز أطسا تعديات علي الأراضي الزراعية بالإضافة إلي قيام الأهالي بالبناء علي حرم المدرسة الثانوية بالقرية ، وقام عدد من الأهالي بالتعدي علي الأرض التابعة لهندسة الري بالقرية وقام الأهالي بعزبة فوزي التابعة للقرية بالتعدي بالبناء علي مركز الشباب .
ومن جانبه وفي محاولة للحد ن خطورة الموقف، فوض الدكتور أيمن أبو حديد وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، مديري مديريات الزراعة على مستوى الجمهورية بكامل سلطاته لحماية الأراضي الزراعية ومعاقبة المتعدين بقوة وحسم وذلك بالتنسيق مع الأمن في كل محافظة.
وطالب الوزير بضرورة إجراء حصر شامل لجميع الأراضي الزراعية التي تم التعدي عليها للبناء أو لأي نشاط آخر مخالف للنشاط الزراعي استغلالا للأزمة الحالية التي تمر بها البلاد، ومراجعة جميع قرارات التراخيص لإقامة المنشآت على الأراضي الزراعية للتأكد من سلامة وقانونية إجراءات البناء على الأراضي الزراعية، والتأكد من عدم وجود شبهة فساد بها.
إلى ذلك أكد الفريق أحمد شفيق رئيس حكومة تسيير الأعمال أنه مسئول بشكل مباشر عن إزالة التعديات على الأراضي الزراعية، وكذا كافة المسلحات التي تم بناؤها منذ اندلاع ثورة شباب التحرير قائلا" أنا مسئول عن إزالة كل سنتم مسلح وحتى لو كان 30 مسلح فوق بعض".
الواقع أن ما يحدث في القرى المصرية في غاية الخطورة، فالمشهد على الواقع مخيف تعديات مهولة وسط غياب تام للأجهزة الرقابية، تحدي واضح للقانون، عدم إدراك واضح لجثامة الموقف وخطورته، فهل نجد تحركا سريعا من المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم الفعلي الآن في مصر، أو من حكومة الفريق أحمد شفيق، أو حتى من شباب التحرير للحد من التعديات والتوعية بخطورة ما يحدث؟؟؟











ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر