الجمعة، 29 أكتوبر 2010

من ذكريات اكتوبر المجيد: الكلمة التي ارعبت السادات

بقلم: صلاح منتصر
‏لم تتمكن قواتنا خلال يومي‏17‏ و‏18‏ اكتوبر من القضاء علي الثغرة التي تسللت منها اسرائيل الي الجبهة الغربية للقناة في منطقة الدفرسوار‏,
‏ فكان ان تم تكليف الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس الاركان بالتوجه الي الجبهة يوم‏19‏ اكتوبر واستكشاف تطورات الموقف عن قرب‏.‏ وقد عاد بتقرير يوضح ان القوات الاسرائيلية المتسللة اصبحت كبيرة ـ قدرها بخمسة ألوية مدرعة ولواء مظلي ـ وانه لذلك يري ـ سحب ـ اربعة الوية مدرعة مصرية من الشرق خلال‏24‏ ساعة لمواجهة التهديد الاسرائيلي في الغرب‏,‏ مبررا ان ذلك لن يؤثر علي سلامة خطوط القوات المصرية ومواقعها في الشرق ـ صفحة‏376‏ من كتاب الفريق سعد الشاذلي عن حرب اكتوبر الصادر عن دار المؤسسة الوطنية في الجزائر طبعة‏1987‏ ـولم يستطع الفريق الشاذلي للمرة الثانية اقناع احمد اسماعيل وزير الحربية والقائد العام للقوات المسلحة برأيه وتجدد الخلاف بينهما فقرر الوزير استدعاء الرئيس انور السادات الي مركز القيادة‏.‏ ورغم تأخر الوقت بعد منتصف الليل إلا ان السادات كان في مقر القيادة بعد دقائق من ابلاغه‏.‏ وفور وصوله اجتمع مع المشير احمد اسماعيل منفردا ثم خرج الي اجتماع شهده القادة‏:‏ احمد اسماعيل ـ القائد العام ـ وسعد الشاذلي ـ رئيس الاركان‏,‏ وحسني مبارك ـ قائد القوات الجوية‏,‏ ومحمد علي فهمي‏,‏قائد الدفاع الجوي‏,‏ وسعيد الماحي وفؤاد نصار ـ رئيس المخابرات‏.‏أنقل من كتاب الفريق سعد الشاذلي صفحة‏377‏ مايلي‏:‏ طلب الرئيس الكلمة من المجتمعين واحدا بعد الاخر وقد قام كل منهم بشرح موقف القوات بأمانة تامة‏,‏ وبعد ان استمع اليهم لم يطلب مني الكلمة وعلق قائلا‏:‏ لن نقوم بسحب اي جندي من الشرق‏.‏ ولم اتكلم ولم اعلق وقد غمزني المهندس عبد الفتاح عبد الله الذي وصل مع الرئيس وهمس في اذني قل شيئا ولكني تجاهلت نصيحته‏.‏ماذا أتكلم وقد اتخذ الرئيس القرار ولا يريد ان يسمعني‏.‏ انني اريد سحب اربعة ألوية مدرعة من الشرق وهو يعارض سحب جندي واحد‏.‏وعندما اعود لقراءة هذا الكلام الذي نقلته علي لسان الفريق الشاذلي وهو الطرف المعارض اجد نفسي موافقا علي مواقف كل الاطراف‏:‏فالفريق الشاذلي ودوره في بناء القوات المسلحة له كل تقدير ابدي رأيه مرتين مرة يوم‏16‏ اكتوبر ومرة يوم‏19‏ وكان يري ان مواجهة قوات اسرائيل في الثغرة تستدعي سحب قوات مدرعة مصرية من الشرق اي من سيناء الي الغرب‏,‏ ولا احد ينكر حقه في ابداء هذا الرأي‏.‏والقائد العام احمد اسماعيل كان محقا في طلب الرئيس انور السادات القائد الاعلي للقوات المسلحة للحضور وحسم الامر بعد ان بدا انه تحول الي خلاف بين كبار القادة يقتضي قرارا في لحظة حاسمة‏.‏والرئيس السادات تصرف بمسئولية تامة جعلته يصل الي مركز القيادة في منتصف الليل ويستمع الي القادة العسكريين واحدا بعد الاخر‏,‏ وقد عرضوها ـ كما ذكر الفريق الشاذلي ـ بامانة تامة‏.‏ ومن الواضح انهم خالفوا رئيس الاركان وقد كان الفريق الشاذلي علي صواب وتصرف بمسئولية عندما رفض نصيحة المهندس عبد الفتاح اسماعيل ورفض ان يعلق علي القرار الذي اصدره الرئيس السادات والمخالف لرأي الشاذلي‏,‏ لان اصول العسكرية الانصياع لرأي القائد متي صدر‏,‏ وهو امر لا شك ان الفريق الشاذلي نفسه قام به في ادارة الامور التي واجهته من قبل وحسم جدلا حول قرار اصدره واصبح المطلوب بعد ذلك تنفيذه‏.‏وعندما نتأمل القرار الذي نطق به الرئيس كما اورده الفريق الشاذلي وهو قوله‏:‏ لن نقوم بسحب اي جندي من الشرق وقبل ذلك في يوم‏16‏ قال للشاذلي لا اريد ان اسمع منك اقتراحات سحب القوات‏,‏ نجد ان كل تفكير السادات كانت كلمة انسحاب التي كانت عقدة العقد في كل المواجهات العسكرية بين مصر واسرائيل‏.‏أتصور الموقف لو ان الامر ذهب الي القوات المصرية متضمنا كلمة ـ انسحاب ـ وتأثير هذه الكلمة ايا كانت مبرراتها في ذلك الوقت‏..‏ مدي الخلط الذي يمكن ان يصيب الجبهة عندما تتناقل الاخبار كلمة ـ الانسحاب ـ والتاريخ المفجع لهذه الكلمة في فكر القادة والضباط الذين سبقوا ان عاشوا كارثة الانسحاب في‏.67‏ولهذا ففي راي ان السادت عندما نطق بعبارة لن نسحب اي جندي من الشرق كان يعكس في هذه اللحظة مشاهد الانسحاب السابقة للجيش المصري وما جري فيها‏.‏والذي حدث ان حرب اكتوبر انتهت بانسحاب القوات الاسرائيلية من كل الاراضي التي احتلتها‏,‏ اما القوات المصرية فلم تتراجع عن اي شبر احتلته ولم تعرف الانسحاب‏,‏ وبالفعل كانت اول حرب عربية لا تعرف الانسحاب

‏!‏‏ge.gro.marha@tnomhalas‏


المزيد من أعمدة صلاح منتصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر