الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

معالي الوزير وطبق السلطة


تصريح غريب من معالي وزير التنمية الإقتصادية– الذى أكن له الكثير من الاحترام، لكنه ذكرنى بإمبراطورة فرنسا الشهيرة مارى انطوانيت، التى قالت لشعبها الجائع: ولماذا يبحثون عن الخبز؟ ياكلوا «جاتوه»!! وهكذا يرى الدكتور عثمان أن الناس فى مصر لن تموت دون «طبق سلاطة»، وأنه إذا لم يجد الناس الخضروات «فريش» فيمكن أن يجدوها «فروزن» أى «مجمدة»!! وإذا لم تقدر ست البيت على شراء الطماطم من السوق لأن سعرها ١٠ جنيهات للكيلو فيمكنها أن تستخدم الصلصة.. إيه، حاجة بسيطة جدا!!

وربما كان أجدى بوزارة التنمية الاقتصادية بدلا من أن تقدم لنا إحصاءات ملونة عن الفقراء فى مصر أن تلحق معها وصفات الطبخ دون طماطم للشيف الاقتصادى الأول فى الوزارة.. ويكون تعيينه على درجة وكيل وزارة حتى يستطيع أن يتواءم مع متطلبات الحكومة.

يعنى مثلا إذا ارتفع سعر الطماطم - كما هو الحال الآن - يبحث الشيف عن بديل سريع فى وصفات شهية، وعندما ترتفع أسعار اللحوم يقدم لنا الشيف وصفات «نباتية» تقدم البروتين دون لحوم، ونفس الحال مع الأسماك والدواجن عندما يأتى موسم أنفلونزا الطيور، وتجتاحها الشوطة بتاعة زمان.

لذا فأظن أن تعيين «طباخين» فى الوزارة الآن هو أهم كثيرا من تعيين خبراء أو باحثين فى الاقتصاد.. فماذا سيفيد الحكومة أن تعرف عن معدلات التضخم، أو معدلات النمو أو الفقر أو غيرها.. كلها مجرد أرقام صماء على أوراق ملونة يتم توزيعها فى مؤتمر الحزب الوطنى وقت اللزوم, ولم ولن تؤثر يوما على قرارات الحكومة بأى شكل من الأشكال.

ما نسيه البعض أن هذه الحكومة ليست حكومة «تسيير أعمال»، ولكنها حكومة حقيقية، ليس عليها فقط أن ترصد، ولكن دورها الحقيقى أن تعالج وتواجه ما ترصد. ليس دور الوزراء أن يقدموا للمواطن بدائل فى طرق الطبخ، ولكن أن يوفروا لهم بدائل للحياة.. والغريب أن نفس الحكومة التى تدّعى دائما أنها لن تتدخل فى الأسعار احتراما لقواعد السوق الحرة، استطاعت بالفعل أن تحل بعض المشاكل بمنافذ لها، عرضت فيها السلع الغذائية بأسعار ليست مدعومة ولكنها على الأقل تنخفض عن أسعار السوق، التى يصل ربح التاجر فيها إلى نسب هائلة.

مرة أخرى، الرأسمالية الحقيقية ليست تلك التى تترك الناس، خاصة محدودى الدخل صرعى للمنافسة والعرض والطلب.. الرأسمالية الحقيقية هى التى تملك من خلالها الدولة أدواتها للتدخل وقت اللزوم، وللرقابة فى كل الأوقات وتسمح بقيام جمعيات فاعلة لحماية المستهلك، تقطع «رقبة» من يستغل المواطن البسيط أو يحاول مجرد محاولة للاحتكار.

الرأسمالية الحقيقية هى التى تسمح للمنافسة الحقيقية بالتفاعل دون عقبات نقل أو توزيع أو خلافه. تحمى الصغار قبل الكبار، بل إن الكبار هم الذين يخشون المستهلك، لأن خسائرهم - إذا غضب - ستكون ضخمة.

تلك هى الرأسماليات فى العالم أجمع.. ولكن لأن لدينا رأسمالية مشوهة واقتصاداً أعرج لا يقف على أقدام ثابتة، ولأن لدينا حكومة لا يدرك «بعضها» قيمة غضب الشعب.. ولأن نفس هؤلاء «البعض» يعرفون أنهم باقون باقون.. لكل ما سبق يمكن أن يزيد د. عثمان على كل ما قاله ويضيف للناس: بلاش عيش.. كلوا باتيه وكرواسون !!!!!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر