الجمعة، 23 أبريل 2010

عبد الناصر يوصى بردم النيل




مثلما وحد الأمة من المحيط إلى الخليج على حلم الوحدة العربية‏‏ امتلك خفة ظل أصيلة تنبع من تراب الأرض المصرية ‏وكما تحدى قوى الاستعمار العالمى جعل من النكتة سلاحه الخفى .


وذلك لعبور نفق الأزمات السياسية المظلم‏.ومثلما تحول إلي قبلة يقصدها كل الثائرين الذين يحلمون بتحرر أوطانهم وكرامة شعوبهم‏,‏ جاءت تعليقاته الساخرة بلسما يخفف من احتقان التوترات المختلفة‏.‏
يروي الكاتب الكبير مصطفي أمين واقعة توضح كيف أن ناصر لم يكن يفقد روح الدعابة حتي في المواقف التي تنم عن ضيق أفق وغباء سياسي لدي بعض المسئولين‏,‏ يقول مصطفي أمين‏:‏ بعد قيام الثورة اتصلت بي أم كلثوم تخبرني أن مجلس قيادة الثورة منع إذاعة أغانيها بهدف تطهير نقابة المهن الموسيقية وأبديت اندهاشي‏,‏ وذهبت للقاء عبد الناصر ونقلت له ما سمعته من أم كلثوم‏,‏ فقال هذا الكلام من قبيل التشنيع علي الثورة‏..‏ فقلت له إن قرار المنع قد صدر بالفعل واستدعي ناصر أحد الضباط من مكتبه وسأله عن القرار فأجاب بأن القرار صدر فعلا وسأل ناصر‏:‏ لماذا؟ فقال له الضابط لأنها مطربة العهد البائد‏!‏ فاحتد ناصر وقال له‏:‏ فلتذهبوا إذن لتهدموا الهرم فهو أيضا من مخلفات العهد البائد‏,‏ ولاتنسوا أن تردموا النيل بالمرة باعتباره من مخلفات هذا العهد‏,‏ وفي لهجة حاسمة طلب من الضابط أن تعود أم كلثوم فورا إلي الإذاعة يقول مصطفي أمين‏:‏ بعدها قلت لناصر لعلك أدركت أنني لاأشنع علي الثورة‏..‏ فقال ضاحكا‏:‏ بل نحن الذين نشنع عليها‏!‏
ويبدو ان هذا الموقف من جانب ناصر جعل كوكب الشرق تشعر بعمق مكانتها لديه‏,‏ ولذلك سرعان ما أصبحت تتعامل معه باعتباره ملاذها الأخير في كل ما تصادفه من عقبات مهما كانت بسيطة‏,‏ ومن ذلك خلافه ذات مرة مع الموسيقار الكبير محمد الموجي الذي تأخر ذات مرة في تجهيز لحن خاص بأغنية جديدة لها‏,‏ هنا لم تجد ثومة بدا من التقدم بشكوي عاجلة لناصر الذي قال لها مداعبا احبسهولك لحد مايخلص لك اللحن‏.‏
الطريف أن ناصر في أشد اللحظات السياسية توترا‏,‏ كثيرا ما كان يحلو له استخدام مفردات منحوتة من عمق التراث المصري بحيث لايوجد لها مرادف في أي لغة أخري‏,‏ وبقدر ما كان ذلك يعبر عن مدي توحد القائد مع شعبه‏,‏ بقدر ما كان يسبب حيرة في الدوائر الدولية ويضع المترجمين في موقف لا يحسدون عليه‏!‏
سئل ناصر ذات مرة في المؤتمر الصحفي العالمي الذي عقده عقب العدوان الثلاثي عن احتمالات أن يلقي مصير رئيس الوزراء البريطاني انتوني إيدن الذي فقد منصبه بسبب معركة‏1956‏ فرد قائلا‏:‏ أنا مش خرع مثل ايدن‏,‏ وبالطبع احتار دليل ممثلي الإعلام العالمي وغنوا ظلموه وهم يبحثون عن مرادف مناسب لكلمة خرع في اللغة الانجليزية‏.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اذا كان لديك أي تعليق أو ملاحظات حول هذا الموضوع يرجى كتابته هنا ، مع الشكر